بقلم: نجاح آل كوع – كاتبة مصرية: 

ليس في ذات الجمال سرٌ بل السر في جمال الذات

كثيرون هم الذين مروا على لوحة رائعة، أو منظر جذاب خلَّاب، ولم تنبسط لجمالها أساريرهم؛ ولم يهتز لروعتها وجدانهم، إلا عالي الذات..

وكثيرون ممن مرت على أسماعهم القصائد والفنون لا يأبهون بها، ولا تتجاذب نفوسهم لصفحتها، ولا تتلمذ وتتصاغر في محرابها..

ويكأن في بؤبؤ الجمال إشعاع ممغنط يجذب من النفوس أرْقَاها، وأرقَّها، ورقاقها، ويفقد مغنطته مع النفوس الفقيرة، والأرواح المصمتة، فجياع الذوات أرباب البلاهة، ومسطحي المعاني، تَحولُ بينهم وبين مغنطة الجمال ألواح بَلَادتهم الخشبية!

والجمال ضالة المبدع، التي حلَّ الجمال في نفسه حنايا روحه وتلونت به أزاهيره، ولحلول الجمال في النفس أحوال.. فساعة يَحِل في النفوس الراقية يتحلل وينصهر مشعًا نوره في جميع من حوله وداخله، لتجري في دماء أنسنته، وتغذي أوردته النابضة، وساعة ينكمشْ وينحسرْ وينكسرْ شعاعه علي زجاج الأنا والنرجسية والغرور، فيبدو ضوءه خافتًا.. ولكلٍ جعل الله حظًا من الجمال، سقاءه ورواءه، وعلى قدر ما عندك من نقاء المعدن تكون قوة جذب الجمال لك، أو حتى قوة جذبك له.

وعلى هذا تدرَّج التذوق والحس، وتصنفت الأنفس في تجاذبها له، حتى صار من البشر من يصنفوا من مرهفي الحس والذوق الرفيع، لكنهم مستقبلون دائمًا، غير نسَّاجين للجمال، هناك من صنعوا الجمال وتأثروا به، وأثروا فيمن حولهم، وأشاعوه في الوجود، وأزاعوه في أرجاء الكون.

وهناك من النفوس أعاليها وأكابرها وسَادَتَها، يصيرون هم الأقطاب الجاذبة للجمال، يتَّبعهم الجمال أينما حلَّوا ورحلوا، لا يجذبهم الجمال بل يجذبونه، لا يؤسرهم بل يؤسرونه، أضحى الجمال إنعكاس لصورتهم، وأضحوا هم إنعكاس صورته، فَقَدَ الجمال قوته المغناطيسية لحضورهم!

 

• النقود في التاريخ الإسلامي
• تعلم اللغة العربية عند أبناء ...
• "أبراج الكويت".. نحو قائمة التراث ...
• "القرقيعان".. حصاد الخيـر فـي شهر ...
• "بعدانية"