الإثنين، 16 سبتمبر 2024
رئيس التحرير
فهد محمد الخزّي

الدكتور أحمد زكي عاكف وتأديب العلم

د. محمود صالح البيلي - دكتوراه في الأدب والنقد: قيض الله سبحانه وتعالى للعربية من الكتاب من جمع ...


 

 

المتواجدون على الموقع

المتواجدون الأن

687 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع

m m

مياسة النخلاني - قاصة يمنية: 

كعادته زار أمه حاملا معه هدية جديدة، وكعادتها لم تعر هديته أي اهتمام؛ نظرت إلى ما أحضره بطرف عينها، هزت رأسها، تنهدت بحسرة قبل أن تعود إلى غرفتها.

«احترت بشأنك يا أماه».. قالها وهو يتبعها، وأعقب «ملأت البيت أجهزة حديثة، غيرت أثاثه بالكامل من أحدث الطرز، حتى حديقة البيت زرعتها بيدي.. ورغم هذا لم أسمع منك كلمة طيبة، أمي هل تكرهينني لهذا الحد؟!».

رمقته بنظرة يفهمها جيدا قبل أن تغلق باب الغرفة، ظل يحدق بالباب المغلق لحظات، أخيرا استسلم وذهب ليركب لها التلفاز الجديد، ثم غادر بعد أن ودعها من خلال الباب المغلق.

بعد أن توفي والده، أصبح البيت فارغا تماما على والدته، عبثا حاول حثها على القدوم للعيش معه وأولاده، لكن طلبه دوما يقابل بالرفض «أصبحت روحي ملتصقة بجدران هذا البيت ولو غادرته سأموت». أمام ردها هذا لا يملك سوى أن يسحب طلبه، ولتعويضها عن الوحدة التي تعيشها حاول أن يملأ البيت بكل ما يستطيع، لكن كلما اشترى لها شيئا لا تكلف نفسها حتى عناء النظر إليه مما يزيده إحباطا وحيرة.

في زيارته التالية، كانت على غير عادتها، رغم أنها لم تلتفت إلى ما أحضره معه، لكنها سحبته من يده وأجلسته بجانبها، بدأت الحديث معه، لمح بريقا في عينيها لم يألفه منذ زمن طويل، فألهاه عما كانت تقوله:

- هل أتحدث لنفسي الآن؟ (قالت معاتبة).

أعادته كلماتها إلى الواقع، فتلعثم وهو يسألها أن تعيد ما قالته.

- لا حاجة إلى ذلك.. قالت وهي تترك مكانها وتعود إلى غرفتها.

لحق بها متوسلا أن تعيد طلبها، وبالكاد أعادته عليه، مع فارق بسيط وهو اختفاء بريق عينيها الذي تمنى أن يراه مجددا!

- «إنترنت؟!» (سأل مستغربا).

- نعم، أريد إنترنت، أم أنه غال علي؟!

- حاشا لله يا أمي... لكن ما حاجتك إليه؟!

- أريده فقط، إن لم تحضره لي فلا تأت إلى زيارتي مجددا، فلست بحاجة إلى «الكراكيب» التي تحضرها معك دائما.

- «كراكيب!».. أماه هذه «الكراكيب» التي تتحدثين عنها تكلفني نصف راتبي.

- إنه هكذا.. أحضر لي الإنترنت فقط ولا أريد شيئا آخر.

- ولكن كيف أحضره معي، هل أضعه في كيس مثلا؟!

- هل تسخر مني لأني عجوز لا تفهم؟!

- أمي!.. حسنا سأحضره لك، لكن أخبريني لماذا تحتاجين إليه؟

- أخبرتني ابنة أختي، أنني لو أملك «إنترنت» في البيت سيكون وكأنكم كلكم هنا، ولن أشعر بالوحدة أبدا.

- حسنا! سأحضره لك بالزيارة القادمة، طلباتك كلها أوامر.

صفقت بيديها، وبدت له طفلة صغيرة ستحصل على لعبة طالما تمنتها.

خلال الأيام القادمة، وعلى غير عادتها، كانت تتصل عليه كل صباح تذكره بزيارته القادمة، وألا ينسى أن يحضر ما طلبته منه، وكم شعر بإحباطها يتسرب عبر الهاتف حين أخبرها أنه سيؤجل زيارتها بسبب انشغاله ببعض الأعمال..

بعد أسبوعين دخل البيت، كانت تجلس أمام التلفاز، ومع أنه حضّر نفسه جيدا لسماع توبيخها، لكن النظرة التي رمقته بها كانت كفيلة بأن يبلع الممازحة التي أوشك أن يقولها.

- ألن تسأليني عن الإنترنت؟ سأل بحذر.

- أعلم أنك لا تريد أن تحضره لي، فلماذا أسأل؟!

- لماذا سوء الظن يا أمي، إن خرجت للسيارة وتفحصتها الآن فستجدينه هناك.

- حقا؟!

- نعم.

- ولماذا لم تحضره معك، هل هو ثقيل لهذه الدرجة؟!

- ربما.

- لا أريده.

عادت لمتابعة التلفاز، لكن لم تمر ثوان حتى وقفت فجأة وغادرت للخارج.فتحت باب البيت لتجد أحفادها بجانبهم أمهم يقفون بجانب السيارة، في حين امتلأت السيارة بالحقائب والأمتعة.

ابتسم لها وقال: «قررت أن آتي بعائلتي للعيش معك، وبدلا من أن يجعلنا الإنترنت وكأننا هنا سنكون هنا بالفعل».

لم تدر بم تجيب، فلأول مرة تشعر أنه أحضر لها هدية حقيقية، أخذت أحفادها ووالدتهم وعادت للداخل، بينما انشغل هو بإدخال الحقائب إلى البيت.

أضف تعليق


كود امني
تحديث

جامعة ولاية سونورا بالمكسيك تمنح عبد الوهاب زايد الدكتوراه الفخرية

سونورا – الوعي الشبابي: منحت جامعة ولاية سونورا بالولايات المتحدة المكسيكية شهادة الدكتوراه ...

تربية إبداعية لأبنائك.. كيف؟

رويدا محمد - كاتبة وباحثة تربوية: يعرف الإبداع بأنه النشاط الإنساني المختلف عن المألوف، والذي يؤدي ...

"تمكين التعليم والحياة لذوي الاحتياجات الخاصة".. سلسلة علمية للدكتور أسامة هنداوي

القاهرة – محمد عبدالعزيز يونس: تأتي سلسلة "تمكين التعليم والحياة لذوي الاحتياجات الخاصة" ...

اتصل بنا

  • صندوق البريد: 23667 الصفاة 13097 - الكويت
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.
  • 22467132 - 22470156

عندك سؤال